للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو تكملت لأخبرت عنّى هذه الحصى؛ فخرج عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «قد علمت الّذى قلتم» ، ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول: أخبرك.

وقال أبو محمد بن هشام بسند يرفعه إلى ابن عباس رضى الله عنهما: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل مكّة يوم الفتح على راحلته، فطاف عليها وحول البيت أصنام مشدودة بالرّصاص، فجعل النبى صلّى الله عليه وسلّم يشير بقضيب فى يده إلى الأصنام ويقول: (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)

«١» ، فما أشار صلّى الله عليه وسلّم إلى صنم منها فى وجهه إلّا وقع لقفاه، ولا لقفاه إلّا وقع لوجهه، حتى ما بقى منها صنم إلّا وقع.

قال محمد بن سعد: كان حول الكعبة ثلاثمائة وستّون صنما، وكان أعظمها هبل، وساق الحديث نحو ما تقدّم، فقال تميم بن أسد الخزاعىّ فى ذلك:

وفى الأصنام معتبر وعلم ... لمن يرجو الثواب أو العقابا

قال: ولما كان من الغد يوم الفتح خطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد الظهر فقال: «إن الله قد حرّم مكّة يوم خلق السموات والأرض، فهى حرام إلى يوم القيامة، ولم تحلّ لى إلّا ساعة من نهار، ثم رجعت لحرمتها بالأمس، فليبلّغ شاهدكم غائبكم، ولا يحلّ لنا من غنائمها شىء» ، وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمكة خمس عشرة ليلة يصلّى ركعتين ركعتين، وبثّ السرايا، ثم خرج إلى حنين.

ذكر سريّة خالد بن الوليد إلى العزّى وهدمها

قالوا: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد إلى العزّى ليهدمها، وذلك بعد الفتح، لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان، فخرج فى ثلاثين فارسا