فتركهم، وأقبل إلى ربع آخر، فكانوا كذلك، وقاتل الربع الثالث والرابع وهم كذلك، فما برح يقاتلهم حتى ذهب ثلاثة أرباع الليل، ثم نازلهم راجلا، فسقطت بينهم «١» الأيدى وكثرت القتلى، وفقئت الأعين، وقتل من أصحاب شبيب نحو ثلاثين رجلا، ومن أهل الشام نحو مائة. واستولى التّعب والإعياء على الطائفتين حتى إن الرجل ليضرب بسيفه فلا يصنع شيئا، فلما يئس شبيب منهم تركهم وانصرف عنهم، ثم قطع دجلة وأخذ فى أرض جوخى ثم قطع دجلة مرة أخرى عند واسط، وأخذ نحو الأهواز إلى فارس ثم إلى كرمان ليستريح هو ومن معه.
[ذكر مهلك شبيب]
كان مهلك شبيب فى سنة [٧٧ هـ] سبع وسبعين، وسبب ذلك أن الحجاج أنفق فى أصحاب سفيان بن الأبرد مالا عظيما، وأمرهم بقصد شبيب، فساروا نحوه مع سفيان بن الأبرد، وكتب الحجاج إلى الحكم بن أيوب زوج ابنته- وهو عامله على البصرة- أن يرسل أربعة آلاف فارس من أهل البصرة، ففعل وسيّرهم مع زياد بن عمرو العتكى، فلم يصل إلى سفيان حتى التقى سفيان مع شبيب. وكان شبيب قد أقام بكرمان حتى استراح وأراح، ثم أقبل راجعا فالتقى مع سفيان بجسر «٢» دجيل الأهواز، فعبر شبيب الجسر إلى سفيان فوجده قد نزل فى الرجال، وجعل مهاصر بن سيف «٣» على الخيل، وأقبل