شبيب فى ثلاثة كراديس «١» ، فاقتتلوا أشدّ قتال، ورجع شبيب إلى المكان الذى كان فيه، ثم حمل عليه هو وأصحابه أكثر من ثلاثين حملة، وأهل الشام على حالهم فى ثبات القدم، ومازلوا يقاتلون الخوارج حتى اضطرّوهم إلى الجسر. فلما انتهى شبيب إلى الجسر نزل ونزل معه نحو مائة رجل؛ فقاتلوا حتى المساء، وأوقعوا بأهل الشام من الضّرب والطعن ما لم يروا مثله، فأمر سفيان الرّماة أن يرموهم فتقدّموا، ورموهم ساعة، فحمل شبيب وأصحابه على الرّماة، فقتلوا منهم أكثر من ثلاثين رجلا، ثم عطف على سفيان ومن معه فقاتلهم حتى اختلط الظّلام، ثم انصرف، فقال سفيان لأصحابه: لا تتبعوهم.
فلما انتهى شبيب إلى الجسر قال لأصحابه: اعبروا فإذا أصبحنا باكرناهم إن شاء الله. فعبروا أمامه، وتخلّف فى آخرهم، وجاء ليعبر وهو على حصان وبين يديه حجر «٢» ، فنزا فرسه عليها وهو على الجسر فاضطربت تحته، ونزل حافر رجل حصانه على حرف السفينة، فسقط فى الماء، فلما سقط قال: ليقضى الله أمرا كان مفعولا. وانغمس «٣» فى الماء، ثم ارتفع، وقال: ذلك تقدير العزيز العليم. وغرق.
قال: وكان أهل الشام قد عزموا على الانصراف، فأتاهم صاحب