للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر القبض على أبى الفتح بن العميد]

وفي سنة ست وستين وثلاثمائة قبض عضد الدولة على أبى الفتح بن العميد وزير أبيه وسمل إحدى عينيه، وقطع أنفه، وكان سبب ذلك أنه لما فارق عضد الدولة بغداد كما ذكرناه في أيام بختيار، أمر ابن العميد أن يلحقه بعد ثلاث، فخالفة، ووافق عز الدولة، ووعده أن يلحق به إذا مات ركن الدولة، ثم صار يكاتبه بأشياء يكرهها عضد الدولة، وكان لابن العميد نائب يعرض كتبه على عز الدولة، وذلك النائب يكاتب عضد الدولة بما يكتبه ابن العميد بختيار ساعة بساعة، فلما ملك عضد الدولة بعد موت أبيه كتب إلى أخيه مؤيد الدولة بالرى يأمره بالقبض على ابن العميد، وعلى أهله، وأصحابه، ففعل ذلك، وكان أبو الفتح ليلة قبضه قد أمسى مسرورا، فأحضر ندماءه، والمغنين، وأظهر من آلات الذهب والفضة والزجاج، وأنواع الطيب ما ليس لأحد مثله، وشربوا وعمل شعرا، وغنى له به، وهو:

دعوت المنى ودعوت العلى ... فلما أجابا دعوت القدح

وقلت لأيام شرخ الشباب: ... إلىّ فهذا أوان الفرح

إذا بلغ المرء آماله ... فليس له بعدها مقترح

وشرب ليلته على هذا الشعر إلى أن سكر، وقام، وقال لغلمانه:

اتركوا المجلس على ما هو عليه لنصطبح غدا، وقال لندمائه بكروا غدا لنصطبح، ولا تتأخروا، فانصرف الندماء، ودخل هو إلى بيت