قال أبو عبيدة: غزا عبد الله بن الصّمّة- واسم الصّمّة: معاوية الأصغر- من بنى غزيّة بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن- وكان لعبد الله ثلاثة أسماء وثلاث كنّى، فاسمه: عبد الله، وخالد، ومعبد، وكنيته أبو فرعان، وأبو دفافة، وأبو وفاء، وهو أخو دريد بن الصّمّة لأبويه- فأغار على غطفان فأصاب منهم إبلا عظيمة فاطّردها، فقال له أخوه دريد: النجاء فقد ظفرت، فأبى عليه وقال:
لا أبرح حتى أنتقع نقيعتى- والنقيعة: ناقة ينحرها من وسط الإبل فيصنع منها طعاما لأصحابه، ويقسم ما أصاب عليهم- فأقام وعصى أخاه، فتبعته فزارة فقاتلوه وهو بمكان يقال له اللّوى، فقتل عبد الله، وارتثّ «٢» دريد فبقى فى القتلى، فلما كان فى بعض الليل أتاه فارسان، فقال أحدهما لصاحبه: إنى أرى عينية تبصّ، فانزل فانظر إلى سبّته «٣» ، فنزل فكشف ثوبه فإذا هى ترمّز «٤» ، فطعنه، فخرج دمّ قد احتقن.
قال دريد: فأفقت عندها، فلمّا جاوزوا نهضت، فما شعرت إلّا وأنا بين عرقوبى جمل امرأة من هوازن، فقالت: من أنت؟ أعوذ بالله من شرّك! قلت: لا، بل من أنت؟ ويلك! قالت: امرأة من هوازن سيّارة. قلت: وأنا من هوازن، أنا دريد بن الصّمّة. قال: وكانت فى قوم مختارين لا يشعرون بالوقعة، فضمّته وعالجته حتى أفاق.