وفى سنة تسع وستين وستمائة، توجه السلطان من الديار المصرية فى عاشر جمادى الآخرة وصحبته ولده الملك السعيد، ودخل الملك السعيد إلى دمشق فى ثامن شهر رجب، وخرج هو والأمير بدر الدين الخزندار من جهة القطيفة. وكان السلطان قد توجه من جهة بعلبك وتوجه إلى طرابلس، فقتل من رعاياها وأسر، واتصلت الغارة بصافيتا، فطلب من فيها الأمان، ثم نكثوا، فرحل عنهم السلطان وأنزل جماعة حولهم. فسير كمندور «٢» أنطرطوس إلى السلطان يشفع فى الإخوة الديوية بصافيتا، على أنه يأمرهم بالتسليم. فأجابهم السلطان إلى ذلك، فأرسل إليهم فنزلوا، وكانوا سبعمائة رجل، خارجا عن النساء والأطفال، وأحضروا إلى السلطان وهو على حصن الأكراد، فأطلقهم وجهز معهم من أوصلهم إلى مأمنهم، وتسلم السلطان صافيتا وبلادها، وتسلمت الحصون والأبراج المجاورة لحصن الأكراد، مثل تل خليفة وغيره.
وقد ذكرنا ما كان قد وقع من المهادنة على حصن الأكراد والمرقب، ثم اتفق من بيت الإسبتار أمور «٣» أوجبت فسخ الهدنة: منها أن السلطان لما أغار على طرابلس فى سنة ست وستين وستمائة، وكتب إلى النائب بحمص بأن يقيم بحدود حصن الأكراد لدفع الضرر عن بلاد الهدنة، وكتب إلى عدة جهات بالوصية بهم، وحضر رسول حصن الأكراد يسأل الوصية، فأعطاهم علما برنكه.