ولما عبرت الأثقال من جهة القصب، عبر أحد الحرافشة ومعه رفقة له على بستان بقرب تل خليفة المجاور للحصن «١» فأخذوا منه شيئا لا قيمة له، فأخذهم المقدم [الفرنجى «٢» ] بتل خليفة وضرب رقاب بعضهم وأسر البعض. فنزل النائب بحمص على تل خليفة وطلب الخصوم. فامتنع النائب بها عن تسليمهم وقال:
«أنا قتلت» ، وأساء فى القول. فحاصرهم [نائب حمص] وسير إليهم شجاع الدين عنبر «٣» ، فاحتال الى أن استنزل الخصوم، وسيروا الى السلطان. فحضرت رسل من حصن الأكراد تطلبهم، فأجابهم السلطان إنه لا بد من تحقيق هذه الواقعة؛ فقوت نفوس الذين فى الحصن. وغّلق النائب [الفرنجى «٤» ] باب الحصن ومنع الميرة، وألبس جماعة العدد.
ولما رجع السلطان من طرابلس عند توجهه إلى أنطاكية ومرّ تحت الحصن متوجها إلى حمص، فسيّر يقول:«ما كان ينبغى لكم تعبرون من ههنا إلا بأمرى» . وقيل لهم:«لأى معنى غلقتم الأبواب ولبستم العدد، وأنتم صلح؟» . فقال:«ما غلقناها إلا شفقة على عسكر السلطان من الفرنج الغرب الذين عندنا، لأنهم لا يخافون الموت» . فعّز ذلك على السلطان لأن الغرب الذين عنده عدتهم دون المائة نفر. وكان هذا الأمر مقدمة انحراف السلطان عليهم. وبقى ذلك فى خاطره. فلما توجه إلى الشام جريدة فى سنة ثمان وستين وتوجه إلى حماة ثم رحل عنها فى ثالث جمادى الآخرة توجه إلى حصن الأكراد