قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
. والمرابطة فى سبيل الله تعالى تنزل [١] من الجهاد والقتال منزلة الاعتكاف فى المساجد من الصلاة، لأنّ المرابط يقيم فى وجه العدوّ متأهّبا مستعدّا، حتى اذا أحسّ من العدوّ بحركة أو غفلة نهض فلا يفوته ولا يتعذّر عليه، كما أن المعتكف يكون فى موضع الصلاة مستعدّا، فإذا دخل الوقت وحضر الإمام قام الى الصلاة.
قال الحليمىّ: ولا شك أن المرابطة أشقّ من الاعتكاف. على أن صرف الهمة إلى انتظار الصلاة قد سمّى رباطا لما جاء فى الحديث فيما يكفّر الخطايا «وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرّباط» . وقد ورد عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أحاديث تحثّ على الرباط، فمنها أنه
قال صلى الله عليه وسلم:«من مات مرابطا فى سبيل الله أومن من عذاب القبر ونما له أجره الى يوم القيامة»
. وعنه صلى الله عليه وسلم:«رباط يوم وليلة فى سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه فإن مات جرى عليه أجر المرابطة ويؤمن من الفتّان ويقطع له برزق الجنة»
. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من مات مرابطا فى سبيل الله مات شهيدا ووقاه الله فتانى القبر وأجرى عليه أحسن عمله وغدى عليه وريح برزق من الجنة»
. وعنه صلى الله عليه وسلم:«إذا استشاط العدوّ فخير جهادكم الرباط»
. وسنّة المرابطة فى سبيل الله أن يعدّ من الخيل والسلاح ما يحتاج إليه، إذا كان انتظار الوقعة من غير استعداد لها يعرّض للهلاك. قال الله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ