[ذكر خبر تكسير إبراهيم الأصنام وإلقائه فى النار]
قال كعب: وكان لأهل كوثربّا عيد يخرجون إليه فى كلّ سنة، فيتعبّدون هناك أيّاما؛ وكان بعيدا من البلد؛ فلمّا حضر ذلك العيد قال تارح لإبراهيم: اخرج معنا إلى عيدنا. فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ
، يعنى لعبادتكم الأصنام فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ
إلى عيدهم، ولم يبق فى بلدهم إلّا الصّغار والهرمون.
فقام إبراهيم ودخل بيت الأصنام- وكان القوم قد وضعوا الطعام بين أيديها- فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ* ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ
استهزاء بهم؛ وكانت فى جانب البيت فأس، فأخذها وكسر بها هذا الصنم، وكسر يد هذا الصنم ورجل هذا ورأس هذا. قال الله عزّ وجلّ: فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ
وترك كبيرهم كما أخبر الله تعالى: فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ
ثم علّق الفأس فى عنق الصنم الأكبر ورجع إلى منزله.
وأقبل القوم بعد فراغهم من عيدهم، فرأوا أصنامهم على ذلك؛ فقالوا: مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ* قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ
وبلغ الخبر نمروذ. قال: فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ
يعنى عذابه. فلمّا أتوا به قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ* قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ
قال بعضهم لبعض: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ* ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ
فصاحوا من كلّ ناحية: أفتأمرنا بذلك وأنت تعلم أنّها لا تسمع ولا تبصر. فقال إبراهيم: أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ
فقال القوم لنمروذ ما أخبرنا الله تعالى عنهم: قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ.