للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مسير المسترشد بالله لحرب دبيس بن صدقة]

وفى سنة سبع عشرة وخمسمائة كانت الحرب بين دبيس بن صدقة وبين الخليفة، وكان سبب ذلك أنّ دبيسا كان عنده عفيف خادم الخليفة مأسورا، فأطلقه وحمّله رسالة فيها تهديد للخليفة، وبالغ فى وعيده ولبس السواد وجزّ شعره، وحلف لينهبنّ بغداد ويخربها فاغتاظ الخليفة لهذه/ الرسالة وغضب، وتقدم إلى البرسقىّ بالتبريز إلى حرب دبيس، فبرز فى شهر رمضان سنة ست عشرة.

وتجهز الخليفة وبرز من بغداد، واستدعى العساكر فأتاه سليمان ابن مهارش صاحب الحديثة، وأتاه قرواش بن مسلم وغيرهما. وأرسل دبيس إلى نهر الملك فنبهه وعمل أصحابه كلّ عظيم من الفساد فوصل أهل نهر الملك إلى بغداد، فأمر الخليفة فنودى ببغداد «لا يتخلّف من الجند أحد ومن أحبّ الجندية فليحضر» فجاء خلق كثير ففرّق فيهم الأموال والسّلاح فلما علم دبيس الحال كتب إلى الخليفة يستعطفه ويسأله الرّضى عنه، فلم يجب إلى ذلك. وأخرجت خيام الخليفة فى العشرين من ذى الحجة سنة ست عشرة فنادى أهل بغداد: النفير النفير الغراة الغراة! وكثر الضجيج من الناس وخرج عالم كثير لا يحصون كثرة وبرز الخليفة لستّ بقين من ذى الحجة سنة ست عشرة، وعبر دجلة وعليه قباء أسود وعمامة سوداء وطرحة، وعلى كتفه البردة وفى يده القضيب وفى وسطه منطقة حديد صينىّ.