وسار فى سنة سبع عشرة إلى النيل ونزل بالمباركة، وعبأ البرسقىّ/ أصحابه ووقف الخليفة وراء الجمع فى خاصّته وجعل دبيس أصحابه صفّا واحدا وجعل الرّجّالة أمام الخيالة بالسلاح وكان قد وعد أصحابه بنهب وسبى النّساء. فلمّا تراءت الفئتان بادر أصحاب دبيس وبين أيديهم الإماء يضربن بالدّفوف والمخانيث بالملاهى، ولم ير فى عسكر الخليفة غير قارئ ومسبّح وداع. فقامت الحرب على ساق، فلما رأى الخليفة ذلك جرّد سيفه وكبّر وتقدم للقتال، فانهزم دبيس وحملت الأسرى بين يدى الخليفة فأمر بقتلهم فضربت أعناقهم صبرا.
وكان عسكر دبيس عشرة آلاف فارس واثنى عشر ألف راجل، وعسكر البرسقى ثمانية آلاف فارس وخمسة آلاف راجل، ولم يقتل من أصحاب الخليفة غير عشرة «١» وجعلت نساء دبيس وسراريه تحت الأسر.
وعاد الخليفة إلى بغداد فدخلها فى يوم عاشوراء من السنة وأما دبيس بن صدقة فإنه لما انهزم نجا بفرسه وسلاحه واتبعته الخيل ففاتها. وعبر الفرات فرأته عجوز فقالت له: دبير جئت؟ فقال دبير من لم يجىء! واختفى خبره بعد ذلك وأرجف بقتله ثم ظهر أنه قصد غزيّة من عرب نجد، وطلب منهم أن يحالفوه/ فامتنعوا عن ذلك وقالوا لا نسخط الخليفة والسلطان! ثم رحل إلى طائفة من