كان سبب ذلك أنه لما سلّم السلطنة لمحمد، وصار في جملة أصحابه، عمل وليمة عظيمة في ثامن جماد الآخرة في داره، ودعا لسلطان إليها، فجاء وقدم له إياز شيئا كثيرا، من جملته حمل بلخش «١» ، كان إياز قد أخذه من تركة مؤيد الملك بن نظام الملك، وحضر الوليمة سيف الدولة صدقة بن مزيد، فاتفق أن إياز تقدم إلى غلمانه بلبس السلاح، ليعرضهم على السلطان، فدخل إليهم رجل من أبهر كانوا يضحكون منه، فألبسوه ذرعا تحت قميصه، وتناولوه بأيديهم، وهو يسألهم أن يكفوا عنه، فلم يفعلوا، فلشدّة ما ناله هرب منهم، ودخل بين خواص السلطان، فرآه السلطان مذعورا، فاستراب منه، وقال لغلام له أن يمسكه من غير أن يعلم به أحد ففعل، فرأى الدرع تحت ثيابه، فأعلم السلطان بذلك، فاستشعر السوء وقال: إذا كان أصحاب العمائم قد لبسوا الدروع، فما ظنك بغيرهم من الجتد، ونهض وعاد إلى داره، فلما كان في ثالث عشر.
استدعى الأمير صدقة وإياز، وجكرمش، وغيرهم من الأمراء، فلما حضروا أرسل إليهم: أنا بلغنا أن قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش، قصد ديار بكر ليملكها، ويسير منها إلى الجزيرة، وينبغى أن تجتمع أراؤكم على من يسير إليه ليمنعه، ويقاتله، فقال الجماعة:
ليس هذا الأمير إلا للأمير إياز. فقال إياز: ينبغى أن أجتمع أنا وسيف