للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر يوم القادسية وقتل رستم وهزيمة الفرس]

قال: وأصبح النّاس من ليلة الهرير- وتسمّى ليلة القادسيّة- وهم حسرى، لم يغمضوا ليلتهم كلّها؛ فسار القعقاع فقال: إنّ الدائرة بعد ساعة لمن بدأ القوم، فاصبروا ساعة واحملوا؛ فإنّ النّصر مع الصّبر.

فاجتمع إليه جماعة من الرؤساء صمدوا لرستم حتى خالطوا الّذين دونه، فلمّا رأت ذلك القبائل قام فيهم رؤساؤهم، وقالوا:

لا يكوننّ هؤلاء أجدّ فى أمر الله منكم، ولا هؤلاء- يعنى الفرس- أجرأ على الموت منكم، وحملوا وخالطوا من بإزائهم، فاقتتلوا حتى قام قائم الظّهيرة، فكان أوّل من زال الفيرزان والهرمزان، فتأخّرا وثبتا حيث انتهيا، وانفرج القلب وركد عليهم النّقع [١] ، وهبّت ريح عاصف دبور، فقلعت طيّار رستم عن سريره، فهوى فى العتيق، ومال الغبار على الفرس، وانتهى القعقاع ومن معه إلى السّرير فعثروا به، وقد قام رستم عنه حين أطارت الرّيح الطيّار، واستظلّ بظلّ بغل من بغال كانت قد قدمت عليها حمول، فضرب هلال بن علّفة [٢] حمل البغل الّذى تحت رستم، فقطع حباله وسقط عليه، فأزاله رستم عن ظهره، ثمّ ضربه هلال ضربة، ففرّ نحو العتيق، وألقى نفسه فيه، فاقتحمه هلال عليه، وأخذ يرجله


[١] النقع: التراب.
[٢] ك: «علقمة» .