الباب الخامس من القسم الثالث من الفنّ الثانى فى النّدمان والسّقاة
[ومما قيل في الندمان]
قال سهل بن هارون: ينبغى للنديم أن يكون كأنما خلق من قلب الملك يتصرّف بشهواته ويتقلّب بإرادته، لا يملّ المعاشرة، ولا يسأم المسامرة؛ إذا انتشى يحفظ، وإذا صحا يبقظ، ويكون كاتما لسرّه، ناشرا لبرّه. قالوا:
فاخر كاتب نديما، فقال الكاتب: أنا معونة، وأنت مؤونة؛ وأنا للجدّ، وأنت للهزل؛ وأنا للشدّة، وأنت للرخاء؛ وأنا للحرب، وأنت للسلم. فقال النديم:
أنا للنعمة، وأنت للخدمة؛ وأنا للحظوة، وأنت للمهنة؛ تقوم وأنا قاعد، وتحتشم وأنا مؤانس؛ تدأب لراحتى، وتشقى لما فيه سعادتى؛ فأنا شريك وأنت معين، كما أنك تابع وأنا قرين. فلم يحر الكاتب جوابا. والله أعلم.
وسئل إسحاق بن إبراهيم الموصلىّ رحمه الله عن الندماء، فقال:
واحد غمّ، واثنان همّ، وثلاثة قوام، وأربعة تمام، وخمسة مجلس، وستّة زحام، وسبعة جيش، وثمانية عسكر، وتسعة أضرب طبلك، وعشرة الق بهم من شئت.
وقال الجمّاز: النبيذ حرام على اثنى عشر نفسا، من غنّى الخطأ، واتكأ على اليمين، وأكثر من أكل البقل، وكسر الزجاج، وسرق الريحان، وبل ما بين يديه، وطلب العشاء، وقطع البمّ «١» ، وحبس أوّل قدح، وأكثر الحديث، وامتخط في منديل الشراب، وبات في موضع لا يحتمل المبيت فيه.