إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد أمر ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداه ملك الجبال وسلّم عليه، فقال: مرنى بما شئت، إن شئت أن أطبق «١» عليهم الأخشبين، قال النبى صلّى الله عليه وسلّم:«بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا» . وروى ابن المنكدر: أن جبريل عليه السلام قال للنبى صلّى الله عليه وسلّم: إن الله أمر السماء والأرض والجبال أن تطيعك، فقال:«أؤخّر عن أمتى لعل الله أن يتوب عليهم» . ومن ذلك ما روى أنه صلّى الله عليه وسلّم قال:«لا يبلغنى أحد منكم عن أحد من أصحابى شيئا، فإنى أحبّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصّدر» . وقال ابن مسعود: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتخوّلنا «٢» بالموعظة مخافة السّآمة علينا، صلّى الله عليه وسلّم تسليما كثيرا.
وأما وفاؤه وحسن عهده وصلته للرحم صلّى الله عليه وسلّم
فكان صلّى الله عليه وسلّم قد بلغ من ذلك الغاية التى لا يدرك شأوها، ولا يبلغ مداها، ولا يطمع طامع سواه بالاتّصاف بها، جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة، من ذلك ما رويناه بإسناد متّصل عن عبد الله بن أبى الحمساء قال: بايعت النبى صلّى الله عليه وسلّم ببيع قبل أن يبعث، وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها فى مكانه فنسيت، ثم ذكرت بعد ثلاث، فجئت فإذا هو فى مكانه، فقال:«يا فتى لقد شققت علىّ أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك» . وعن أنس رضى الله عنه قال: كان النبى صلّى الله عليه وسلّم إذا أتى بهدية قال: «اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة، إنها كانت تحبّ خديجة» . وعن عائشة