المدعوّ على الأنس بتمهيد طريق للخروج عن أحوال الأنبياء وشرائعهم والعدول عن ذلك إلى أمور الفلاسفة في ترتيب شبههم أبدا، ما رأوا أنّ هناك بقيّة من دين.
[ذكر صفة الدعوة السادسة]
قال الشريف رحمه الله: اعلم أنّهم إذا مكّنوا ما وصفنا وأحكموه ووثقوا لمساكنة المدعوّ أخذوا في تفسير معانى الشرائع بغير ما يدين به أهلها وسهّلوا عليه العدول عنها، فرتّبوا له معانى الصلاة والزكاة والحجّ والإحرام والطهارة وسائر الفرائض، على أمور سيأتى وصفها في المقالة الثامنة، على أنّ ذلك يكون تفسيره على إحكام وتمهيد بغير مجازفة ولا استعجال، فيحصل أولا على معنى: أنّ ذلك وضع دلالة على أمور نذكرها وننبّه عليها، فإذا قوى الانسلاخ من جملة الأمّة في نفسه، وسهل عليه طريق العدول عمّا هى عليه، لم يحتشم حينئذ أن يجعل ذلك موضوعا على جهة الرموز، إلى فلسفة من الأنبياء والأئمة، وسياسة للعامّة للجياشة إلى منافعهم في ذلك، وفي شغل بعضهم عن البغى على بعض أو عن الفساد في الأرض، مع إظهار تعظيم الناصبين لذلك، وأنّهم أهل الحكمة فيما رتّبوه منه، وإذا تمكّن أيضا في نفسه ما بدأنا بذكره- نقلوه إلى التمييز بين الأنبياء وبين أفلاطون «١» وأرسطوطاليس «٢» وغيرهما، وحسّنوا عنده أشياء من حكمهم، وعادوا على ناصب هذه الشرائع بالاستخفاف والمذمّة والاستحقار