إناء يرضاه. فقال: إنّى أخاف أن أقتل وأنا أشرب. فقال له عمر:
لا بأس عليك حتى تشربه، فأكفأه؛ فقال عمر: أعيدوا عليه ولا تجمعوا عليه بين القتل والعطش.
فقال: لا حاجة لى فى الماء؛ وإنما أردت أن أستأمن به. قال: فإنّى قاتلك، قال: قد أمّنتنى. قال: كذبت، قال أنس: صدق يا أمير المؤمنين، قد أمّنته. فقال: يا أنس، أنا أؤمّن قاتل مجزأة ابن ثور والبراء بن مالك! وكان الهرمزان قتلهما بيده فى هذه الوقعة، ثم قال: والله لتأتينّى بمخرج أو لأعاقبنّك، قال: قد قلت لا بأس عليك حتى تخبرنى وحتى تشرب، فقال عمر رضى الله عنه: خدعتنى، والله لا أنخدع إلّا أن تسلم، فأسلم، ففرض له فى ألفين فى كلّ سنة، وأنزله المدينة.
والله أعلم.
[ذكر فتح السوس]
ولما [١] نزل أبو سبرة على السّوس فى سنة سبع عشرة بعد فتح تستر كان بها شهريار أخو الهرمزان، فأحاط المسلمون بها وناوشوهم القتال مرّات، كل ذلك يصيب أهل السوس فى المسلمين، فأشرف عليهم الرّهبان والقسّيسون، فقالوا: يا معشر العرب، إنّ ممّا عهد إلينا علماؤنا أنّ السّوس لا يفتحها إلّا الدّجّال، أو قوم فيهم الدّجّال، فإن كان فيكم فستفتحونها، وكان صاف بن صيّاد مع المسلمين فى خيل النّعمان. ثم ناوش أهلها المسلمين مرّة، وصاحوا بهم
[١] تاريخ الطبرى ٤: ٨٩ وما بعدها، تاريخ ابن الأثير ٢: ٣٨٦ وما بعدها.