للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهرمزان فقدموا به المدينة وألبسوه كسوته من الدّيباج المذهب، وتاجه كان مكلّلا بالياقوت و [عليه] [١] حليته؛ ليراه عمر والمسلمون.

فوجدوا عمر فى المسجد متوسّدا برنسه، وكان قد لبسه لوفد قدم عليه من الكوفة، فلمّا انصرفوا توسّده ونام، فجلسوا وهو نائم والدّرة فى يده.

فقال الهرمزان: أين عمر؟ فقالوا: هو ذا، فقال: أين حرسه وحجّابه؟ فقالوا: ليس له حارس ولا حاجب ولا كاتب. فقال:

ينبغى أن يكون نبيّا، قالوا: بل يعمل بعمل الأنبياء [وكثر الناس] [١] .

فاستيقظ عمر واستوى جالسا، ثم نظر إليه، وقال: ألهرمزان؟

قالوا: نعم، فقال: الحمد لله الذى أذلّ بالإسلام هذا وأشباهه، فأمر بنزع ما عليه، فنزعوه وألبسوه ثوبا صفيقا [٢] . فقال له عمر:

كيف رأيت عاقبة الغدر، وعاقبة أمر الله! فقال: يا عمر، إنّا وإيّاكم فى الجاهليّة، كان الله قد خلّى بيننا وبينكم [فغلبناكم] ، [٣] فلمّا كان الأمر معكم غلبتمونا. ثم قال له عمر: ما حجّتك وما عذرك فى انتقاضك مرّة بعد أخرى؟ قال: أخاف أن تقتلنى قبل أن أخبرك.

قال: لا تخف ذلك، واستسقى ماء، فأتى به فى قدح غليظ.

فقال: لو متّ عطشا لم أستطع أن أشرب فى مثل هذا، فأتى به فى


[١] من تاريخ الطبرى.
[٢] ثوب صفيق: ثخين كثير الغزل، ضد السخيف.
[٣] تكملة من ص.