فإنه قيل له مرة إنه مات فقتل القائل. فحصل لأمرائه من الغيظ والأنفة ما حملهم على الخروج عن طاعته والانحياز عنه والانضمام إلى وزيره؛ فكان ذلك سبب خروجه.
[ذكر رحيل السلطان صوب كنجة وتملكها ثانيا]
قال: كان أوباش كنجة قد قتلوا من بها من الخوارزمية وتجاهروا بالفساد، وملك زمام أمرهم رجل يعرف ببندار وأطاعه الأوباش فبسط يده فى المصادرات، واقتصرت أذيته على من لم يدخل معه فى العتو. فوجه السلطان إليه يدعوه إلى الطاعة، ويحذره ويحذرهما من المخالفة، فلم يجيبوا إلى ذلك. فسار السلطان إليها، ونزل ببعض بساتينها، وترددت الرسائل فى بذل الأمان والوعد بالعفو، فلم يجيبوا إلى ذلك، وخرجوا للحرب، ورموا خيمة السلطان بالسهام ووصلوا إلى حائط البستان. فركب فيمن حضر من خواصه، وأوقع بهم، وسار حتى دخل المدينة. وأقام بكنجة سبعة عشر يوما ينتظر ما يسوغه التدبير، ثم أجمع على الاستنجاد بالملك الأشرف موسى على التتار، وكان جماعة من الجبناء يسيرون عليه بذلك وهو يخالفهم باطنا ويوافقهم ظاهرا. فسار إلى خلاط من طريق كيلكون، والغارات تنقلب بلاد الكرج بطنا لظهر، والسلطان يتابع رسله إلى الملك الأشرف يستنجد به. ولما بلغ الملك الأشرف توجه الرسل إليه يستمدونه، توجه إلى مصر واجتمع رسل السلطان بدمشق، والكتب ترد عليهم من الملك الأشرف بأننا واصلون من مصر لإنجاد السلطان.