وفى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، سار بعض المرابطين من الملثمين «١» إلى دكّالة. فاجتمع إليه «٢» قبائلها وصاروا يغيرون على أعمال مراكش، وعبد المؤمن لا يلتفت إليهم. فلما كثر ذلك منهم، سار إليهم عبد المؤمن فى سنة أربع وأربعين «٣» . فلما سمعت دكالة بمسيره، اجتمعت كلها وانحسروا «٤» إلى ساحل البحر، وكانوا فى مائتى ألف راجل وعشرين ألف فارس، وهم من الشجاعة بالمكان المعروف. وكانت جيوش عبد المؤمن تخرج عن الحصر. وكان الموضع الذى فيه دكالة كثير الحجر والحزون، فكمنوا فيه كمينا ليخرجوا على عبد المؤمن إذا سلكه. فكان من الاتفاق الحسن أنه قصدهم من غير الجهة التى فيها الكمناء. فانحل عليهم النظام وفارقوا ذلك الموضع وأخذهم السيف فدخلوا البحر. فقتل أكثرهم، وغنمت أموالهم وأغنامهم، وسبيت نساؤهم. فبيعت الجارية بدراهم يسيرة.
وعاد عبد المؤمن إلى مراكش بالظفر والنصر. وثبت ملكه وخافه جميع من بالمغرب، وأذعنوا له بالطاعة.