للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من التزويج وأخذ فى مستأنف أمره فى مؤالفة الجنّ، فكان يهاديهم بما يصلح لهم من الهدايا، فصافاه عمير ملك الجنّ وآخاه وألفه حتى صار عنده كالأخ. فلما رأى ذلك ذو شرح وأنه قد تمكّن من ملك الجنّ قال له: هل لك أن تزوّجنى ابنتك عميرة ليكون لى فى ذلك شرف الى الممات! فرغب فيه عمير ملك الجنّ لحسنه وجماله وشرفه وماله؛ فزوّجه ابنته بحضرة سادات الجنّ. وانصرف ذو شرح الى مدينة سبأ وأهدى هدايا كثيرة الى ملك الجنّ وسادات قومه، ثم زفّت إليه فوطئها فحملت منه.

[ذكر خبر ميلاد بلقيس وكيف كان وسبب ملكها]

قال: وولدت عميرة بنت ملك الجنّ بلقيس بنت ذى شرح على أحسن ما تكون من الصّور، ثم ماتت أمها بعد ذلك بقليل، فربّتها الجنّ. فلمّا بلغت مبلغ النساء قالت لأبيها: إنّى كرهت المقام عند الجن فاحملنى الى بلاد الإنس فإنهم أحبّ إلىّ.

فقال لها: إنّ للإنس ملكا ظالما وذكر لها سنّته فى بلاد قومه، وأنه يفتضّ الأبكار ثم يردّهن الى أهلهنّ. قالت: لا تخش ذلك علىّ وانقلنى، وسترى ما يكون منّى. فبنى لها قصرا خارج مدينة سبأ من أعظم ما يكون من الأبنية، واتّخذ لها عريشا من العاج والآبنوس والذهب والفضة، ونقلها الى القصر واتّخذ لها أوانى الجوهر.

فأقامت بلقيس فى قصرها زمنا طويلا، وانتشر خبرها إلى ملك سبأ، فركب فى موكبه حتى وقف على باب القصر ورأى حسن بنائه، فرجع وأرسل بجارية من جواريه إلى بلقيس، فدخلت عليها ونظرت إليها وإلى ما فى قصرها من التّحف العظيمة وما عندها من جوارى الإنس والجنّ، فعادت إلى الملك وأخبرته بما هى عليه من الجمال وأنها ابنة وزيره. فأحضره وأنكر عليه وقال: كيف اتّخذت