للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولنرجع الى أخبار الملوك

قال: وأقام سوريد فى الملك مائة سنة وسبع سنين، وقد كان منجّموه عرّفوه الوقت الذى يموت فيه واليوم والساعة، فأوصى الى ابنه هرجيب وعرّفه ما يعمل، وأمره أن يدخل جسده الهرم، وأن يجعله فى الجرن الذى أعدّه لنفسه ويغشّيه بكافور، ويحمل معه ما أعدّه من فاخر الثياب والسلاح والآلات، فامتثل جميع ما أمره به.

ولما مات ملك بعده ابنه هرجيب «١» بن سوريد فسار بستره أبيه فى العدل والعمارة والرأفة بالناس، فأحبّوه. وبنى الهرم الأوّل من أهرام دهشور وحمل اليه من المال والجوهر. وكان غرضه جمع المال وعمل الكيمياء واستخراج المعادن ودفن ما تهيّأ له من الكنوز فى كل سنة. وكانت له ابنة أفسدت مع بعض خدمه فنفاها الى ناحية الغرب، وأمر أن تبنى لها مدينة هناك ويقام عليها علم ويزبر عليها اسمها، وأسكن معها كل امرأة مسنّة من أهل بيته. قال: وشجّ رجلا فأمر بقطع أصابعه، ووجد سارقا من العامّة فملّك رقّه الذى سرق منه، وعمل منارات ومصانع وطلّسمات، وملكهم نيّفا وسبعين سنة.

وملك عليهم بعده ابنه منقاوش بن هرجيب وكان جبّارا أثيما فآذى الناس وسفك الدماء واغتصب النساء واستخرج كنوز آبائه، وبنى قصورا بالذهب والفضة [وأجرى «٢» ] فيها الأنهار، وجعل حصباءها من صنوف الجواهر، وتخرّق «٣» فى الهبات وأغفل العمارات فأبغضه الناس، وأباح أصحابه غصب نساء العامّة. وأطاف به أهل الشرّ من كل ناحية، وكان يفترع النساء قبل أزواجهنّ، وامتنع عليه قوم