للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسن الوجه يحبها، وليس له في قلبها محبة. فبينا نحن على شرابنا إذ سرّ الفتى الحسن الوجه فتغنّى وقال:

بيد الذى شغف الفؤاد بهم ... فرج الذى ألقى من السّقم!

فاستيقنى أن قد كلفت بكم ... ثم افعلى ما شئت عن علم!

فأقبلت عليه، وقالت: قد علمنا ذاك، فمه! ثم تركته، وأقبلت على القبيح الوجه، فلبثنا ساعة، ثم تغنى الفتى أيضا:

ألا ليتنى أعمى أصمّ تقودنى ... بثينة لا يخفى علىّ كلامها!

فقالت: اللهم أعط عبدك ما سأل! فغاظتنى، فقلت لها: يا فاجرة تختارين هذا، وهو أقبح من ذنوب المصرّين، على هذا الذى هو أحسن من توبة التائبين، فقالت لى: ليس الهوى بالاختيار! ثم أنشأت تغنى وتقول:

فلا تلم المحبّ على هواه ... فكلّ متيمّ كلف عميد

يظنّ حبيبه حسنا جميلا، ... وإن كان الحبيب من القرود!

فقلت: أجل! إنه لكما قلت، وليس في هذا حيلة، وذكرت قول عمر ابن أبى ربيعة:

فتضاحكن، وقد قلن لنا: ... حسن في كلّ عين ما تودّ!

[فصل]

قالوا: ويتأكد العشق بإدمان النظر، وكثرة اللقاء، وطول الحديث. فإن انضم إلى ذلك معانقة أو تقبيل فقد تمّ استحكامه.

وقد ذكر حكماء الأوائل أنه إذا وقعت القبل بين المتحابّين ووصلت بلّة من ريق كل واحد منهما إلى معدة الآخر، اختلط ذلك بجميع البدن ووصل إلى جرم