للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر خبر الرزق الذى سأل سليمان الله تعالى أن يجريه على يديه]

قال الكسائىّ: ولمّا نظر سليمان- عليه السلام- إلى عظم ما آتاه الله- عز وجل- من الملك، سأل الله تعالى أن يجعل أرزاق المخلوقات على يديه.

فأوحى الله تعالى إليه: إنك لا تطيق ذلك. قال: يا رب فيوما واحدا؛ فأوحى الله إليه: إنك لا تطيق ذلك. قال: يا رب فساعة واحدة؛ فأوحى الله إليه:

إنى قد أعطيتك ذلك، فاستعدّ الآن لأرزاق خلقى واجمع لهم. فأخذ فى الأستعداد حتى جمع ما ينيف على حمل مائة ألف بغل وبعير، وسار يريد ساحل البحر، حتى أتاه ووضع ما جمعه هناك، ونادى مناديه فى سكّان البحر احضروا لقبض أرزاقكم.

فاجتمع الحيتان والضفادع ودوابّ البحر على صور مختلفة، وإذا بحوت قد أخرج رأسه وقال: اشبعنى يابن داود، وهو على مثال الجبل. فقال سليمان: دونك الطعام، فأكل جميع ذلك، ثم قال: زدنى يا نبىّ الله، والله ما أصابنى الجوع منذ خلقنى ربى كما أصابنى اليوم حين جعل رزقى على يديك. فعجب سليمان منه وقال:

هل فى البحر مثلك؟ فقال: إنى لفى زمرة من الحيتان فيها سبعون ألف زمرة، كل زمرة مثل عدد الرمل؛ وفى البحر حيتان لو دخلت أنا فى جوف أحدها ما كنت إلا كخردلة فى أرض فلاة. فبكى سليمان عند ذلك وقال: رب أقلنى عثرتى.

فأقاله الله تعالى، ثم أوحى إليه: أن قف يابن داود حتى ترى جنودى، فإنّ ما رأيت قليل. فوقف وإذا بالبحر قد اضطرب اضطرابا عظيما وخرج منه شىء أعظم من الجبل يشقّ البحر شقّا وهو يقول: سبحان من تكفّل بأرزاق العباد، ثم نادى:

يآبن داود، لولا اليد الباسطة عليك لكنت أضعف الخلائق، وإنك لم تقدر أن تشبع حوتا واحدا ولا نال كلّ طعمه، فكيف تقدر أن تتكفّل بأرزاق الخلائق!.

ثم مرّ ذلك الحوت، فنظر سليمان إلى خلق عظيم، وقال: إلهى، هل خلقت خلقا