ونزل جبريل على يوسف- عليه السلام- وبشّره أنّ الله قد ألهمه تعبير الرؤيا فعرفه بإذن الله عزّ وجلّ، وأنبت الله له شجرة فى محبسه يخرج منها ما يشتهيه.
ذكر خبر الخبّاز والساقى
قال: وغضب الملك ريّان بن الوليد على ساقيه شرهيا، وصاحب مطبخه شرها «١» ، فأمر بحبسهما، فحبسا فى السجن الذى فيه يوسف، فرأى الساقى رؤيا فسأل أهل السجن عن تأويلها، فدلّوه على يوسف؛ فأتاه وقال: قد رأيت رؤيا.
فقال له يوسف: قصّها. فقال: رأيت كأنّى فى بستان فيه كرمة حسنة؛ وفيها عناقيد سود؛ فقطعت منها ثلاث عناقيد وعصرتها فى كأس الملك، ورأيت الملك على سريره فى بستانه، فناولته الكأس فشربه، وانتبهت.
فقال صاحب المطبخ: وأنا رأيت مثل هذه الرؤيا، رأيت كأنى أخبز فى ثلاثة تنانير: أحمر وأسود وأصفر، ورأيت كأنّى أحمل ذلك الخبز فى ثلاث سلال إلى دار الملك، وإذا بطائر على رأسى يقول لى: قف فإنّى طائر من طيور السماء. ثم سقط على رأسى فجعل يأكل من ذلك الخبز، والناس ينظرون إليه وإلىّ، وانتبهت فزعا.
فقال يوسف: بئسما رأيت. ثم قال للساقى: إنّك تقيم فى السجن ثلاثة أيّام ويخرجك الملك فيسلّم إليك خزانته، وتكون ساقيه وصاحب خزانته. وأنت يا خباز بعد ثلاثة أيام تضرب رقبتك وتصلب وتأكل الطير من رأسك. فقال الخباز: إنى لم أرشيئا، وإنّما وضعت رؤياى هذه. فقال: قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ.