عليهم أيمانهم، وإن تركتهم على بيعة أخيك ثم بايعت لجعفر بعده كان ذلك أوكد للبيعة، قال: صدقت وسكت عنه، فعاد الذين كانوا بايعوه من القواد والشيعة «١» فحملوه على معاودة الرشيد بالخلع، فأحضر يحيى فكتب إليه: إنّ عندى نصيحة، فأحضره فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت إن كان الأمر الذى لا تبلغه- ونسأل الله أن يقدمنا «٢» قبله- يعنى موت الهادى- أتظن «٣» أن الناس يسلمون الخلافة لجعفر، وهو لم يبلغ الحلم؟ أو يرضون به لصلاتهم وحجهم وغزوهم؟ قال: ما أظن ذلك، قال: يا أمير المؤمنين أفتأ من أن يسمو إليها أكابر أهلك مثل فلان وفلان، ويطمع فيها غيرهم؟
فتكون قد أخرجت الأمر عن ولد أبيك، والله- لو أنّ هذا الأمر لم يعقده المهدى له كان ينبغى أن تعقده أنت له، فكيف بأن تحلّه عنه وقد عقده المهدى!! ولكنّى أرى أن تقرّ الأمر على أخيك، فإذا بلغ جعفر خلع الرشيد نفسه وبايعه، فقبل قوله وأطلقه، ثم عاد أولئك القوّاد إلى الهادى وأعادوا القول، فضيّق على الرشيد فى ذلك، فقال له يحيى: استأذنه فى الصيد، فإذا خرجت فأبعد ودافع الأيام، ففعل ذلك فأذن له فمضى إلى قصر مقاتل «٤» وأقام أربعين يوما، فأنكر الهادى أمره وكتب إليه بالعود، فتعلّل ثم اعتل الهادى ومات.
[ذكر وفاة أبى محمد الهادى]
كانت وفاته ليلة «٥» الجمعة للنصف من شهر ربيع الأول، وقيل