للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأربع عشرة ليلة خلت منه، وقيل بقيت منه سنة سبعين ومائة بعيساباد، واختلف فى سبب وفاته، فقيل كانت بقرحة فى جوفه، وقيل مرض بحديثة الموصل وعاد مريضا فمات، وقيل إن أمّه أمرت جواريها بقتله فقتلنه، قال:

وكان سبب ذلك أنه لما ولى الخلافة كانت تستبد بالأمور دونه، وتسلك به مسلك المهدى، حتى مضى من خلافته أربعة أشهر، والمواكب تغدو إلى بابها؛ فكلّمته يوما فى أمر لم يجد إلى إجابتها سبيلا، فقالت: لا بد منه فقد ضمنته لعبد الله بن مالك بن جعفر، فغضب الهادى وقال: والله لا قضيتها، فقالت: إذن والله لا أسألك حاجة أبدا، قال: لا أبالى والله وغضب «١» ، وقامت مغضبة، فقال: مكانك، والله لئن بلغنى أنه وقف ببابك أحد من قوادى وخاصّتى لأضربن عنقه، ولأقبضن ماله، ما هذه المواكب التى تغدو وتروح إلى بابك؟! أما لك مغزل يشغلك أو مصحف يذكّرك أو بيت يصونك!! إياك إياك، لا تفتحى بابك لمسلم ولا ذمّى، فانصرفت وهى لا تعقل فلم تنطق عنده بعدها؛ ثم قال لأصحابه: أيما خير، أنا أم أنتم؟ وأمى أم أمهاتكم؟ قالوا: بل أنت وأمك خير، قال: فأيّكم يحبّ أن يتحدث الرجال بخبر أمّه، فيقولوا فعلت أم فلان وصنعت؟ قالوا: لا نحبّ ذلك، قال: فما بالكم تأتون أمى فتتحدثون بحديثها!! فلما سمعوا ذلك انقطعوا عنها، ثم بعث إلى أمّه بأرز، وقال:

قد استطبتها فكلى منها، فقيل لها: أمسكى حتى تنظرى، فجاءوا بكلب وأطعموه منها فتساقط لحمه لوقته، فأرسل إليها كيف رأيت الأرز؟ قالت طيبا، قال: ما أكلت منها ولو أكلت منها لاسترحت منك، متى أفلح خليفة له أم؟! وقيل كان سبب أمرها بقتله أنه لما جدّ فى خلع الرشيد خافت عليه، فوضعت جواريها عليه فقتلنه بالغم والجلوس على وجهه، حتى مات والله أعلم.