ويفهموكم أنه ما بقى من حياتكم إلا القليل، وأنهم ما تركونا إلا على رحيل، فتعرّف كنائسك وأسوارك أن المنجنيقات تسلّم عليها إلى حين الإجتماع عن قريب، ونعلّم أجساد فرسانك أن السيوف تقول إنها عن الضيافة لا تغيب، لأن أهل عكار ما سدّوا لها جوعا، ولا قضت من ريها بدمائهم الوطر، وما أطلقوا إلا لما عاقب شرب دمائهم. وكيف لا، وثلاثة أرباع عكار عكر. يعلم القومص هذه الجملة المسرودة «١» ويعمل بها، وإلا فيجهز مراكبه ومراكب أصحابه، وإلا فقد جهزنا قيودهم وقيوده.
وقال المولى محيى الدين عبد الله بن عبد الظاهر:
يا مليك الأرض بشرا ... ك فقد نلت الإرادة
إن عكار يقينا ... هى عكا وزيادة
ذكر صلح طرابلس «٢»
قال: ولما استقر أمر حصن عكار رحل السلطان من منزلته بالأرزونية هو وجميع العساكر والأثقال، وساق على عزم حصار طرابلس، فوردت الأخبار أن ملك الإنكتار وصل «٣» إلى عكا، فى أواخر شهر رمضان من هذه السنة، وصحبته ثلاثمائة فرس، وثمانى بطس وشوانى ومراكب تكملة ثلاثين مركبا، غير ما كان سبقه صحبة استاد داره، وأنه يقصد الحج. ففتر عزم السلطان ونزل