له كبير ذكر فيما مضى، إلى أن وصل ريدافرنس «١» إلى الساحل بعد فكاكه من الأسر بمصر فرأه حصنا صغيرا، فأشار على صاحبه الأبرنس أن يزيد فيه وهو يساعده فى عمارته، فزاد فيه زيادة كثيرة من جهة الجنوب. وهو فى واد بين جبال محيطة به من أربع جهاته.
ولما فتحه السلطان الملك الظاهر كتب إلى صاحب طرابلس ما مثاله بعد البسملة «٢» :
«قد علم القومص يمند- جعله الله ممن ينظر لنفسه ويفكر فى عاقبة يومه من أمسه- نزولنا بعد حصن الأكراد على حصن عكار، وكيف نقلنا المنجنيقات إليها فى جبال تستصعبها الطيور لأختيار الأوكار، وكيف صبرنا فى جرها على مناكدة الأوحال ومكابدة الأمطار، وكيف نصبنا المنجنيقات على أمكنة يزلق عليها النمل إذا مشى، وكيف هبطنا تلك الأودية التى لو أن الشمس من الغيوم ترى بها ما كان غير جيالها رشا، وكيف صارت رجالك الذين ما قصرت فى انتخابهم، وحسنت بهم استعانة نائبك الذى انتحى بهم «٣» » .
وكتابنا هذا يبشرك بأن علمنا الأصفر نصب مكان علمك الأحمر، وأن صوت الناقوس صار عوضه الله أكبر، ومن بقى من رجالك أطلقوا ولكن جرحى القلوب والجوارح، وسلموا ولكن من ندب السيوف إلى بكاء النوايح، وأطلقناهم ليحدثوا القومص بما جرى، ويحذروا أهل طرابلس من أنهم يغترون بحديثك المفترى، وليروهم الجراح التى أريناهم بها نفادا، ولينذروهم لقاء يومهم هذا،