مصفحا بالفضة المذهبة، وعمل لنفسه من الباب الأول تابوتا يدفن فيه إذا مات! وفى سنة أربع وخمسين وخمسمائة فى ثامن عشر ربيع الأول كثرت الزيادة فى دجلة فغرقت بغداد، وتهدّمت الدور وسور/ المدينة وكثر الخراب ولم يعرف الناس حدودهم على التحرير، بل بالتخمين.
وفيها مات السلطان محمد الذى حاصر بغداد بمرض السّلّ.
وفيها عاد ترشك إلى بغداد ولم يعرفه أحد ولا شعر به إلا وقد ألقى نفسه تحت التاج ومعه سيف وكفن. فرضى عنه الخليفة، وأذن له فى دخول الدار وأنعم عليه بمال!
[ذكر وفاة المقتفى لأمر الله وشىء من أخباره]
كانت وفاة المقتفى لأمر الله فى شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وقيل لليلتين خلتا من شهر رجب. ومولده فى ثانى عشر شر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وكان عمره ستّا وستين سنة تقريبا، ومدّة خلافته أربعا وعشرين سنة وشهورا.
وكان شيخا أبيض الرأس واللحية طويلها، وكان حليما كريما عادلا حسن السيرة جميل الرأى وافر العقل، شجاعا مقداما يباشر الحروب بنفسه. وكان يحب جمع المال. وفى أول خلافته ولّى القضاء بمدينة السلام لرجل يعرف بابن المرخم، وجعله يتولى عقوبة عماله