وعيسى هو ابن بنته؛ فأسكت الحجاج. وقد تقوم الآية الواحدة المستشهد بها فى بلوغ الغرض وتوفية المقاصد ما لا تقوم به الكتب المطوّلة، والأدلّة القاطعة؛ وأقرب ما اتفق من ذلك أن صلاح الدين رحمه الله كتب الى بغداد كتابا يعدّد فيه مواقفه فى إقامة دعوة بنى العباس بمصر، فكتب جوابه بهذه الآية: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
] وكتب أمير المسلمين يعقوب بن عبد المؤمن الى الأذفونش «١» ملك الفرنج جوابا عن كتابه اليه- وكان قد أبرق وأرعد فكتب فى أعلاه-:
ومما جوّزوا الاستشهاد به ما لا يقصد به إلا التلويح الى الآية دون اطّراد الكلام نحو قول القاضى الفاضل مما كتب به الى الخليفة عن الملك الناصر صلاح الدين فى الاستصراخ [وتهويل أمر «٢» الفرنج] : رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي
وها هى فى سبيلك مبذوله، وأخى وقد هاجر اليك هجرة يرجوها مقبوله. وأما تغيير شىء من اللفظ أو إحالة معنى عما أريد به فلا يجوز، وينبغى العدل عنه ما أمكن.
ويتلو ذلك الاستكثار من حفظ الأحاديث النبوية- صلوات الله وسلامه على قائلها
- وخصوصا فى السير والمغازى والأحكام، والنظر فى معانيها وغريبها وفصاحتها