قال أبو عبيدة: ثم غزا صخر بن عمرو بن الشّريد بنى أسد بن خزيمة فاكتسح إبلهم، فأتى الصريخ بنى أسد، فركبوا حتى تلاحقوا بذات الأثل، فاقتتلوا قتالا شديدا، فطعن ربيعة الأسدىّ صخرا فى جنبه وفات القوم بالغنيمة، ومرض صخر من الطّعنة قريبا من الحول حتّى ملّه أهله، فسمع امرأة من جاراته تسأل سلمى امرأته: كيف بعلك؟ قالت: لا حىّ فيرجى، ولا ميّت فينسى، لقد لقينا منه الأمرّين! وكانت أمّه إذا سئلت عنه تقول: أرجو له العافية إن شاء الله! فقال فى ذلك:
فأىّ امرئ ساوى بأمّ حليلة ... فلا عاش إلّا فى أذى وهوان
وما كنت أخشى أن أكون جنازة «١» ... عليك ومن يغترّ بالحدثان
لعمرى لقد نبّهت من كان نائما ... وأسمعت من كانت له أذنان
أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنّزوان
قال: فلمّا طال عليه البلاء- وقد نتأت قطعة من جنبه مثل اليد فى موضع الطعنة- قالوا له: لو قطعتها لرجونا أن تبرأ، فقال شأنكم! فقطعوها فمات، فقالت أخته الخنساء ترثيه:
وقائلة والنعش قد فات خطوها ... لتدركه يا لهف نفسى على صخر!
ألا ثكلت أمّ الذين غدوا به ... إلى القبر ماذا يحملون إلى القبر!