وقال رجل للعتّابىّ: ما البلاغة؟ قال: كلّ ما أبلغك حاجتك، وأفهمك معناه بلا إعادة ولا حبسة ولا استعانة فهو بليغ؛ قالوا: قد فهمنا الإعادة والحبسة، فما معنى الاستعانة؟ قال: أن يقول عند مقاطع الكلام: إسمع منّى، وافهم عنّى، أو يمسح عثنونه «١» ، أو يفتل أصابعه، أو يكثر التفاته، أو يسعل من غير سعلة، أو ينبهر «٢» فى كلامه قال بعض الشعراء:
ومن كلام أحمد بن اسماعيل الكاتب المعروف بنطاحة «٣» ، قال: البليغ من عرف السقيم من المعتلّ، والمقيّد من المطلق، والمشترك من المفرد، والمنصوص من المتأوّل، والإيماء من الإيحاء، والفصل من الوصل، والتلويح من التصريح.
[ومن أمثالهم فى البلاغة]
قولهم: يقلّ الحزّ «٤» ويطبّق المفصل. وذلك أنهم شبهوا البليغ الموجز الذى يقلّ الكلام ويصيب نصوص المعانى «٥» بالجزّار الرفيق الذى يقلّ حزّ اللحم ويصيب مفاصله؛ وقولهم: يضع الهناء مواضع النّقب، أى لا يتكلّم إلا فيما يجب الكلام فيه. والهناء: القطران. والنّقب: الجرب. وقولهم: قرطس «٦» فلان فأصاب الغرّة، وأصاب عين القرطاس «٧» . كلّ هذه أمثال للمصيب فى كلامه الموجز فى لفظه.