للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى عن حماد بن إسحاق قال:

قال يزيد حوراء: كنت أجلس بالمدينة على أبواب قريش، وكانت تمرّ بى جارية تختلف الى الزرقاء تتعلّم منها الغناء. فقلت لها يوما: افهمى قولى وردّى جوابى وكونى عند ظنّى؛ فقالت: هات ما عندك. فقلت: بالله ما اسمك؟ فقالت:

ممنّعة. فأطرقت طيرة من اسمها مع طمعى فيها، ثم قلت: بل باذلة ومبذولة إن شاء الله فاسمعى منّى. فقالت وهى تتبسّم: إن كان عندك شىء فقل. فقلت:

ليهنك منّى أنّنى لست مفشيا ... هواك إلى غيرى ولو متّ من كربى

ولا ما نحا خلقا سواك محبّة ... ولا قائلا ما عشت من حبكم حسبى

فنظرت إلىّ طويلا ثم قالت: أنشدك الله، أعن فرط محبّة أم اهتياج غلمة [تكلمت «١» ] ؟ فقلت: لا والله إلا عن فرط محبّة. فقالت:

فو الله ربّ الناس لا خنتك الهوى ... ولا زلت مخصوص المحبّة من قلبى

فثق بى فإنى قد وثقت ولا تكن ... على غير ما أظهرت لى يا أخا الحبّ

قال: فو الله لكأنما أضرمت في قلبى نارا. فكانت تلقانى في الطريق الذى كانت تسلكه فتحدّثنى فأتفرّج بها؛ ثم اشتراها بعض أولاد الخلفاء، وكانت تكاتبنى وتلاطفنى دهرا طويلا.

[ذكر أخبار فليح بن أبى العوراء]

هو رجل من أهل مكّة مولى لبنى مخزوم، وهو أحد مغنّى الدولة العبّاسية؛ له محلّ كبير من صناعته، وهو أحد الثلاثة الذين اختاروا المائة الصوت للرّشيد التى بنى أبو الفرج الأصفهانى كتابه المترجم بالأغانى عليها. قال إسحاق بن إبراهيم الموصلى: ما سمعت أحسن من غناء فليح وابن جامع. وكان المهدى لا يغنّيه مغنّ