[ذكر حادثة الأميرين مظفر الدين موسى ابن الملك الصالح. وسيف الدين بتخاص والقبض عليهما]
كان القبض على الأمير سيف الدين بتخاص فى سلخ ذى الحجة سنة عشر وسبعمائة، وسبب ذلك أن السلطان بلغه أن المذكور حسّن للأمير مظفر الدين موسى ابن أخيه السلطان الملك الصالح الخروج على عمه السلطان الملك الناصر، وطلب الملك لنفسه، واتفقا على ذلك وعزما على إثارة فتنة، واعتضد بمماليك بيبرس المنعوت بالمظفر، وكانوا قد تفرقوا عند الأمراء، فقرر معهم أن كل مملوك يثب على أميره فيقتله ثم يتجمعون على الأمير مظفر الدين وبتخاص، وتثور الفتنة. فلما تحقق السلطان ذلك جلس فى ليلة الخميس سلخ ذى الحجة، وطلب الأمير سيف الدين بتخاص. وكان يسكن بقلعة الجبل بدار العدل الكاملية. فعلم المراد بطلبه وتحقق أن السلطان بلغه ما اتفقا عليه فأغلق داره وامتنع من الإجابة؛ ووقف مماليكه بأعلى الدار وبأيديهم قسيهم للممانعة عنه، وترددت الرسائل من السلطان فى طلبه وهو لا يجيب إلى الحضور، وقصد خلع الشباك الكبير الذى بالدار المطل على دركات القلعة والخروج منه، فأرسل السلطان جماعة من المماليك الأوشاقية وغيرهم، فوقفوا تحت الشباك، فتعذر عليه ما دبّره وحضر إليه الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار المنصورى وعنّفه ولامه على ما فعله، وقال له إن السلطان فى هذا الوقت قد طلب سائر الأمراء وطلّبت من جملتهم، فلا تجعل لك ذنبا. وكان قد لبس عدة الحرب فنزعها وخرج وحضر بين يدى السلطان، فأمر بالقبض عليه واعتقاله، وطلب السلطان الأمير مظفّر الدين موسى ابن أخيه الملك الصالح، فهرب من داره بالقاهرة، فرسم السلطان بهدم الأماكن التى يظّن أنه اختفى بهاء وندب لذلك الأمير علاء الدين أيدغدى شقير [١] وغيره، فهدموا بعض الأماكن واشتد الأمر يومى الخميس والجمعة مستهل محرم سنة إحدى عشرة وسبعمائة إلى بعد الصلاة، فحضر بعض فقهاء المكاتب وذكر أنه أختفى عند سيف الدين بلبان
[١] هو الأمير علاء الدين أيدغدى المنكوغرى، المعروف بشقير، وكان من مماليك لاجين، وقتل سنة ٧١٥ هـ (الدرر الكامنة ١: ٤٢٥) .