وفيه مما يلى الصقالبة جزيرتان: إحداهما جزيرة أمرنانيوس النساء، لا يسكنها غير النساء فقط. وتسمّى الأخرى أمرنانيوس الرجال، لا يسكنها غير الرجال. وهم فى كل عام يجتمعون زمان الربيع، ويتناكحون نحوا من شهر ثم يفترقون.
ويقال إن هاتين الجزيرتين لا يكاد يقع طرف أحد عليهما لكثرة الغمام، وظلمة البحر، وعظم الأمواج.
٣- ذكر ما يتفرّع من البحر المحيط
يتفرّع من البحر المحيط خليجان: أحدهما من جهة المغرب، ويسمى البحر الرومىّ. والآخر من جهة المشرق، ويسمّى البحر الصينىّ، والهندىّ، والفارسىّ، واليمنىّ، والحبشىّ، بحسب ما يمرّ عليه من البلاد.
وهما المرادان بقوله تعالى:(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) .
أى لا يبغى هذا على هذا.
والبرزخ أرض بين الفرما التى هى على بحر الروم، وبين مدينة القلزم التى هى على بحر الحبش [١] ، مسافتها ثلاثة أيام. وقيل: البرزخ إرسال ماء البحر الحلو على ماء البحر الملح، لأنه مغيض له. فلا سبيل لأحدهما على الآخر، بل جعل الله بينهما حاجزا وهو البرزخ.
فأما البحر الرومىّ وجزائره، فإن المؤرّخين قالوا إن الإسكندر حفره وأجراه من البحر المحيط. ويقولون إن جزيرة الاندلس وبلاد البربر كانت أرضا واحدة يسكنها الإشبان والبربر. وكان بعضهم يغير على بعض، والحرب بينهم سجال. فلما
[١] فى الأصل بحر فارس. وكان الأصوب أن يعبر باللفظ الذى اختاره لهذا المقام، وهو البحر الحبشى