للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملك الإسكندر، رغب إليه الإشبان فيما يحول بينهم وبين البربر. فرأى ان يجعل بينهما خليجا من البحر يمكن به احتراس كل طائفة من الأخرى. فحفر زقاقا طوله ثمانية عشر ميلا، وعرضه اثنا عشر ميلا. وبنى بجانبيه سكرين [١] ، وعقد بينهما قنطرة يجاز عليها، وجعل عليها حرّاسا يمنعون الجواز عليها من جهة البربر إلا بإذن من جعله نائبا عنه فى بلاد الإشبان. وكان قاموس البحر أعلى من أرض الزقاق، فطما وغطّى السّكرين والقنطرة، وساق بين يديه بلادا وطغا على أخرى. حتّى إن المسافرين فيه يخبرون أن المراكب فى بعض الأوقات يتوقف سيرها فيه مع وجود الريح.

فيسبرون أمرها، فيجدون المانع لها سلوكها بين شرفات السور أو بين حائطين.

فعظم طولا وعرضا، وصار بحرا [٢] .

قال صاحب كتاب «مباهج الفكر ومناهج العبر» : وقد زاد عرضه ستة أميال عما كان عليه فى زمن الإسكندر. فصار ثمانية عشر ميلا.

قال: وزعم السالكون فيه أنّ البحر ربما جزر فى بعض الأوقات، فترى القنطرة.

قالوا: وهذا الزقاق صعب شديد متلاطم الأمواج مهول، شبيه بما جاوره من البحر المحيط.

وأهل الأندلس يقولون إن بين هذا البحر وبين البحر المحيط بحرا يسمونه بحر الأيلاية بتفخيم اللام [٣] . وهو بحر عظيم الموج صعب السلوك.


[١] السكر (بكسر السين) هو ما سدّ به النهر.
[٢] هو المسمى بحر الزقاق واسمه الآن مجاز جبل طارق.
[٣] لعل المؤلف يشير إلى خليج ليون فهو مشهور بشدّة التيار وبصعوبة السلوك.