للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العين وطويت القدور النحاس والصاجات الحديد فصار بعضها على بعض، وحملت الريح جارية طوالى من مكان إلى مكان آخر مسافة وكان إلى جانب بيوت طوالى بيوت عرب فاحتملت الريح لهم أربعة أجمال وارتفعت فى الجو وعادت قطعا، وهلك دواب كثيرة، ووقع بعد ذلك برد ومطر [١] زنة القطعة من البرد ثلاث أواق ودونها ورسم نائب السلطنة بكشف هذه الحادثة، وندب من جهته من توجه لكشفها فكشفت ونظم بصورة الحال محضرا وقع الأشهاد فيه على من شاهده وجهزت نسخة المحضر إلى الأبواب السلطانية وغيرها.

[ذكر هدم الكنيسة [٢] بحارة الروم]

وفى يوم الاثنين الخامس من شهر ربيع الآخر أمر السلطان بهدم الكنيسة المعروفة بكنيسة بربارة بحارة الروم بالقاهرة، وكان سبب ذلك أن النصارى أنهوا أنه قد استهدم بعضها وسألوا تمكينهم من [٣] إعادته واعتنى لهم [٤] من اعتنى ممن كان منهم فرسم لهم بذلك فلم يقتصروا على إعادة ما رسم لهم بإعادته بل تحيلوا وتمحلوا وعمروها ظاهرا بالأسرى [٥] والآلات العظيمة والمشدين من جنس المسلمين [٦] تجاهر النصارى بذلك ولا يكتمونه ولا يتحاشون من فعله فانتدب المسلمون لذلك ورفعوا قصصا للسلطان وأنهوا فيها صورة الحال فأمر بهدمها فهدمها العوام [٧] فى ساعة واحدة وبنوا بصدرها محرابا وعلقوا فيه قنديلا وأقاموا شعار الإسلام من الأذان والصلاة والتسبيح وقراءة القرآن، ثم رسم بعد ذلك بمنع المسلمين من الصلاة فيها وسد بابها فى بقية الشهر، وجعلت مزبلة ألقى السكان من المسلمين الذين حولها زبائل بيوتهم فيها، فلما كان فى سلخ جمادى الأولى من السنة رسم [٨] بإعادة ماهدمه المسلمون فيها بالقصب دون البناء وسد بابها وعطلت.


[١] فى ص، وف «مطر وبرد» بالتقديم والتأخير.
[٢] انظر السلوك ٢/١: ١٨٢.
[٣] فى ص «على» .
[٤] فى ص، وف «بهم» .
[٥] لم يشر المقريزى إلى استخدام الأسرى ولا أحب أن الأسرى كانوا يستخدمون فى بناء الكنائس.
[٦] كذا فى ك. وفى ص، وف «جند» .
[٧] يقول المقريزى فى السلوك ٢/١: ١٨٢ «إن السلطان رسم لمتولى القاهرة علم الدين سنجر الخازندار بخراب ما جدد فيها من البناء، فنزل إليها علم الدين واجتمع إليه من الناس عدد لا يحصيه إلا الله وهدم ما جدد فيها.
[٨] ويقول المقريزى فى نفس المرجع «وإن صدور مرسوم الإعادة كان بمسعى كريم الدين فاستجاب السلطان له» .