للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن أحمد بن المكّى قال: دعانى عبد الله بن موسى يوما فقال لى: أتقوّم غلاما ضاربا مغنّيا قيمة عدل لا حيف فيها على البائع ولا على المشترى؟ فقلت نعم. فأخرج إلىّ ابنه القاسم، وكنت قد عرفت خبره وهو أحسن من القمر ليلة البدر، فأخذ عودا يضرب به؛ فأكببت على يديه أقبلّهما فقال لى عبد الله: أتقبّل يد غلام مملوك! فقلت: بأبى وأمى هو من مملوك! وقبّلت رجله أيضا. فقال:

أمّا إذ عرفته فأحبّ أن تضاربه، ففعلت. فلما رأى الغلام زيادتى في الضرب عليه اغتمّ وأقبل على أبيه فقال له كالمعتذر إليه: يا أبت، أنا متلذّذ وهذا متكسّب.

فضحكت وقلت: هو كذلك يا سيّدى. وعجبت من حدّة جوابه معتذرا على صغر سنه.

قال عبد الله بن حبيب:

كان عبد الله بن موسى الهادى معربدا، وكان قد أعضل»

المأمون مما يعربد عليه إذا شرب معه؛ فأمر به أن يحبس في منزله فلا يخرج منه، وأقعد على بابه حرسا؛ ثم تذمّم من ذلك فأظهر له الرضا وصرف الحرس عن بابه. ثم نادمه فعربد عليه أيضا وكلّمه بكلام أحفظه. وكان عبد الله مغرما بالصيد؛ فأمر المأمون خادما من خواصّ خدمه يقال له حسن «٢» فسمّه في درّاج؛ فلما أكله أحسّ بالسمّ، فركب في الليل وقال لأصحابه: هو آخر ما ترونى، ومات بعد أيام. وأكل معه خادمان، فمات أحدهما لوقته، وضنى الآخر ثم مات بعد مدّة.

[ومنهم عبد الله بن محمد الأمين.]

قال أبو الفرج الأصفهانىّ:

كان عبد الله بن محمد الأمين ظريفا غزلا يقول شعرا ليّنا ويصنعه صنعة صالحة. وكان بينه وبين أبى نهشل بن حميد مودّة؛ فاعترض عبد الله جارية مغنّية