فينبغى أن يجتنبه المقتدى به لئلا يصغر في أعين الخلق فيترك الاقتداء به. وأما تخريق الثياب فلا رخصة فيه إلا عند خروج الأمر عن الاختيار. ولا يبعد أن يغلب الوجد بحيث يمزّق ثوبه وهو لا يدرى لغلبة سكر الوجد عليه أو يدرى ولكن يكون كالمضطر الذى لا يقدر على ضبط نفسه، وتكون صورته صورة المكره، إذ يكون له في الحركة أو التمزيق متنفّس فيضطرّ إليه اضطرار المريض الى الأنين؛ ولو كلّف الصبر عنه لم يقدر عليه مع أنه فعل اختيارىّ؛ فليس كلّ فعل حصوله بالإرادة يقدر الإنسان على تركه؛ فالتنفّس فعل يحصل بالإرادة، ولو كلّف الإنسان نفسه أن يمسك النفس ساعة اضطر من باطنه إلى أن يختار التنفّس، فكذلك الزعقة وتخريق الثياب قد يكون كذلك فهذا لا يوصف بالتحريم.
الأدب الخامس- موافقة القوم في القيام
إذا قام واحد منهم في وجد صادق من غير رياء وتكلّف، أو قام باختيار من غير إظهار وجد وقام له الجماعة فلا بدّ من الموافقة، فذلك من آداب الصحبة. وكذلك إن جرت عادة طائفة بتنحية العمامة على موافقة صاحب الوجد إذا سقطت عمامته أو خلع الثياب إذا سقط عنه ثوبه بالتخريق «١» . فالموافقة في هذه الأمور من حسن الصحبة والعشرة، إذ المخالفة موحشة. ولكلّ قوم رسم؛ ولا بدّ من مخالفة الناس بأخلاقهم كما ورد في الخبر لا سيما إذا كانت أخلاقا فيها حسن المعاشرة والمجاملة وتطييب القلب بالمساعدة. وقول القائل: إنّ ذلك بدعة لم تكن في الصحابة، فليس كلّ ما يحكم بإباحته منقولا عن الصحابة ولم ينقل النهى عن شىء من هذا. والقيام عند الدخول للداخل لم يكن من عادة العرب، بل كان الصحابة لا يقومون لرسول الله صلّى الله عليه وسلم في بعض الأحوال كما رواه أنس رضى الله عنه، وإن كان لم يثبت فيه نهى عامّ، فلا نرى