وقتل مصعب بن الزبير واستيلاء عبد الملك على العراق [وفى جمادى الآخرة سنة [٧١ هـ] إحدى وسبعين كان مقتل مصعب بن الزبير بن العوام واستيلاء عبد الملك على العراق] «١» ؛ وسبب ذلك أنّ عبد الملك بن مروان لما قتل عمرو بن سعيد كما تقدم وضع السيف على من خالفه، فصفا له الشام، فلما لم يبق له بالشام مخالف أجمع المسير إلى مصعب بن الزبير بالعراق، فاستشار أصحابه فى ذلك، فأشار عليه عمّه يحيى بن الحكم أن يقنع بالشام ويترك ابن الزبير والعراق، فكان عبد الملك يقول: من أراد صواب الرأى فليخالف يحيى. وأشار بعضهم أن يؤخّر السّير هذا العام، وأشار محمد بن مروان أن يقيم ويبعث بعض أهله، ويمدّه بالجنود. فأبى إلّا المسير. فلما عزم على المسير ودّع زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية.
فبكت فبكى جواريها لبكائها، فقال: قاتل الله كثيّر عزّة، لكأنّه يشاهدنا حين يقول «٢» :
إذا ما أراد الغزو لم يثن همّه ... حصان عليها عقد درّ يزينها
نهته فلمّا لم تر النّهى عاقه ... بكت فبكى مما عناها قطينها «٣»
وسار عبد الملك نحو العراق، فلما بلغ مصعب بن الزبير مسيره وهو بالبصرة أرسل إلى المهلّب بن أبى صفرة وهو يقاتل الخوارج