وأسرف الجحاف فى القتل، وبقر البطون عن الأجنّة؛ وفعل أمرا عظيما، فلما عاد عنهم قدم الأخطل على عبد الملك فأنشده «١» :
لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة ... إلى الله منها المشتكى والمعوّل
فطلب عبد الملك الجحّاف فهرب إلى الرّوم، فكان يتردّد فيها، ثم بعث إلى بطانة عبد الملك من قيس، فطلبوا له الأمان، فأمّنه عبد الملك، فلما جاء ألزمه ديات من قتل، وأخذ منه الكفلاء، فسعى فيها حتى جمعها وأعطاها، ثم تنسّك الجحّاف بعد، وصلح، ومضى حاجّا فتعلّق بأستار الكعبة، وجعل يقول: اللهم اغفرلى، وما أظنّك تفعل! فسمعه محمد ابن الحنفية، فقال: يا شيخ، قنوطك شرّ من ذنبك.
وقيل: كان سبب عود الجحّاف أنّ ملك الروم أكرمه وقرّبه وعرض عليه النصرانية، ويعطيه ما شاء، فامتنع، وقال: ما أتيتك غبة عن الإسلام.
ثم هزم الجحّاف صائفة المسلمين، فأخبروا عبد الملك أن الذى هزمهم الجحّاف، فأرسل إليه عبد الملك، فأمّنه، فسار فى بلاد الروم، وقصد البشر وبه حىّ من تغلب وقد لبس أكفانه، وقال: قد جئت إليكم أعطى القود من نفسى، فأراد شبابهم قتله، فنهاهم شيوخهم، وعفوا عنه، فحج، فسمعه عبد الله بن عمر وهو يطوف ويقول:
اللهم اغفرلى وما أظنك تفعل! فقال ابن عمر رضى الله عنهما: