وفى سنة خمس وسبعين كانت الفتنة بين الطائفيين، وسببها أنه ورد إلى بغداد الشريف أبو القاسم البكرى المقرىء الواعظ وكان أشعرىّ المذهب، وكان قد قصد نظام الملك فأحبّه ومال إليه وسيّره إلى بغداد، وأجرى عليه الجراية الوافرة. وكان يعظ بالمدرسة النظامية، ويذكر الحنابلة ويعيبهم ويقول «وما كفر سليمان ولكنّ الشياطين كفروا»«١» وما كفر أحمد ولكن أصحابه كفروا ثم قصد يوما دار قاضى القضاة أبى عبد الله الدامغانى فجرى بينه وبين قوم من الحنابلة مشاجرة أدّت إلى الفتنة. وكثر جمعه فكبس دور بنى الفرّاء وأخذ كتبهم ومنها كتاب الصفات لأبى يعلى فكان يقرأه بين يديه وهو جالس على الكرسى للوعظ، وشنّع عليهم وجرى له معهم خصومات وفتن. ولقّب البكرىّ من الديوان بعلم السّنّة، ومات ببغداد ودفن عند قبر أبى الحسن الأشعرى رحمهما الله تعالى.
[ذكر مسير الشيخ أبى اسحاق برسالة الخليفة]
إلى السلطان ملكشاه وفى ذى الحجة سنة خمس وسبعين وأربعمائة أرسل الخليفة المقتدى الشيخ أبا إسحاق الشيرازى برسالة إلى السلطان تتضمن الشكوى من العميد أبى الفتح بن أبى الليث عميد العراق، وأمره أن ينهى إليه وإلى نظام الملك ما يجرى على أهل البلاد من النّظّار.
فسار الشّيخ، فكان الشّيخ كلما وصل إلى مدينة من بلاد العجم يخرج أهلها إليه بنسائهم وأولادهم يتمسحون بركابه ويأخذون