يوما فى الوعر مسافة أربعة أيام فى السهل. فأفضوا إلى جبل شامخ مطل على قرطبة. فلما رآه السليطين وتحقق أمرهم، رحل لوقته بجميع من معه وسار حتى غاب عن فجاج قرطبة. وكان بقرطبة القائد أبو الغمر السائب، من ولد القائد ابن غلبون من أبطال الأندلس فخرج لوقته من قرطبة وصعد إلى الجبل. واجتمع بيحيى وقال له:
«انزل بمن معك إلى قرطبة وعجّل» . ففعلوا ذلك وباتوا بها. فما أصبح اليوم الثانى إلا وعسكر السليطين قد غشى «١» الجبل الذى كان فيه يحيى. فقال لهم «٢» أبو الغمر: «هذا الذى كنت خفته عليكم» . فلما علم أنهم قد فاتوه، ورأى أنه لا مطمع له فى قرطبة، رحل إلى بلاده بعد أن حاصرها ثلاثة أشهر قبل وصولهم.
[ذكر ملكه مدينة بجاية وملك بنى حماد وانقراض دولتهم]
وفى سنة ست وأربعين وخمسمائة، سار عبد المؤمن من مدينة مراكش إلى سبتة. وهيأ الأساطيل والناس يعتقدون أنه يدخل الأندلس. ونفّذ أعيان أصحابه إلى جميع القبائل: أن يجمعوا العساكر ويرتبوها. وقطع السابلة عن بلاد شرق المغرب برا وبحرا.
ثم خرج من سبتة فى صفر سنة سبع وأربعين «٣» . وتوجه إلى