كان المعتضد بالله قد سار إلى ماردين في سنة إحدى وسبعين، وخلّف بالموصل نصر القشورى يجبى الأموال ويعين العمّال على جبايتها فخرج عامل معلثايا إليها ومعه جماعة من أصحاب نصر، فوقع عليهم طائفة من الخوارج فاقتتلوا إلى أن أدركهم الليل ففرّق بينهم، وقتل من الخوارج إنسان اسمه جعفر، وهو من أعيان أصحاب هارون، فعظم عليه ذلك وأمر أصحابه أن يفسدوا في البلاد، فكتب نصر القشورى إلى هارون يتهدّده بقرب الخليفة، وأنّه إن همّ به أهلكه وأصحابه، فلا يغتر بمن سار إلى حربه فعاد عنه بمكره وخديعته، فأجابه هارون بجواب غليظ، من جملته وإنّا وإياك كما قيل:
فلا توعدونا باللقاء وأبرزوا ... إلينا سوادا نلقه بسواد
فبعث نصر جواب هارون إلى المعتضد بالله فجدّ في قصده، وولّى الحسن بن علىّ كورة الموصل وأمره بقصد الخوارج، وأمر كافّة مقدّمى الولايات والأعمال بطاعته، فجمعهم وسار إلى أعمال الموصل وخندق على نفسه، وأقام إلى أن رفع الناس غلّاتهم، ثم سار إلى الخوارج وعبر نهر الزاب إليهم، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا فانكشف الخوارج عنه، ليفرّقوا جمعيته «١» ثم يعطفوا عليه، فأمر الحسن أصحابه بلزوم مواقفهم ففعلوا، ورجع هارون وأصحابه وحملوا سبع عشرة حملة، فانكشفت ميمنة الحسن وثبت هو، فحمل عليه