فإنّك جاهل، غنّيت [الثقيل «١» ] ستين سنة فلم أنل إلا القوت، وغنّيت الأهزاج منذ سنتين فكسبتك ما لم تر مثله قطّ. والله أعلم.
[ذكر أخبار ابن جامع]
هو أبو القاسم إسماعيل بن جامع بن عبد الله بن المطلب بن أبى وداعة ابن صبيرة بن سهم بن هصيص بن كعب بن لؤىّ. قالوا: وكان ابن جامع من أحفظ خلق الله لكتاب الله تعالى، كان يخرج من منزله مع الفجر يوم الجمعة فيصلّى الصبح ثم يصفّ قدميه حتى تطلع الشمس، فلا يصلّى الناس الجمعة حتى يختم القرآن ثم ينصرف إلى منزله. وكان حسن السّمت، كثير الصلاة. وكان يعتمّ بعمامة سوداء على قلنسوة ويلبس لباس الفقهاء ويركب حمارا مرّيسيّا «٢» فى زىّ أهل الحجاز. وروى عنه أنه قال: لولا أن القمار وحبّ الكلاب قد شغلانى لتركت المغنّين لا يأكلون الخبز. قال ابن جامع: أخذت من الرشيد ببيتين غنّيته إياهما عشرة آلاف دينار.
قالوا: وكان إبراهيم بن المهدىّ يفضّل ابن جامع فلا يقدّم عليه أحدا. قال: وكان ابن جامع منقطعا إلى موسى الهادى في أيام أبيه، فضربه المهدىّ وطرده. فلما مات المهدىّ بعث الفضل بن الربيع إلى مكة فأحضر ابن جامع في قبّة ولم يعلم به أحدا.
فذكره موسى الهادى ذات ليلة فقال لجلسائه: أما فيكم أحد يرسل إلى ابن جامع وقد عرفتم موقعه منى؟ فقال الفضل بن الربيع: هو والله عندى يا أمير المؤمنين وأحضره إليه. فوصل الفضل في تلك الليلة بعشرة آلاف دينار وولّاه حجابته.