للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكى الرئيس ابن القلانسى فى تاريخ الشام فى سبب بيعة العزيز الأولى أن أباه المعزّ لدين الله كان مغرما بعلم النّجوم والنّظر فيما تقتضيه أحكام مولده، فحكم له بقطع، فاستشار منجمه فيما يزيله عنه، فأشار عليه أن يعمل له سردابا تحت الأرض ويتوارى فيه مدّة إلى حين زوال ذلك القطع.

فصنع ذلك وأحضر وجوه دولته، وقال لهم: إنّ بينى وبين الله عهدا وعدنيه قد قرب أوانه، وقد جعلت عليكم ولدى نزارا، ولقّبته بالعزيز بالله، واستخلفته عليكم وعلى تدبير أحوالكم مدّة غيبتى؛ فالزموا الطّاعة والمناصحة له. فقالوا: نحن عبيدك وخدمك. فأخذ البيعة له ووصّاه بما أراد، وجعل القائد جوهرا مدبّرا لأموره، ونزل السّرداب الّذى اتخذه، وأقام به سنة. فكانت المغاربة إذا رأوا سحابا ترجّلوا على الأرض وأرموا بالسّلام عليه. ثمّ خرج بعد ذلك، وجلس النّاس، فدخلوا على طبقاتهم وسلّموا عليه؛ ولم يلبث بعد ذلك إلّا مدّة يسيرة، واعتلّ فمات «١» .

[ذكر الحرب بين أفتكين التركى وعساكر العزيز بالله]

ولنذكر ابتداء أمر أفتكين «٢» لتأتى أخباره بسياقه.

هو أبو المنصور أفتكين المعزّى، أحد مماليك معزّ الدولة بن بويه «٣» وكان سبب وصوله إلى الشام أنه لما وقعت الفتنة بين الترك والديلم ببغداد