للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثم قالوا: ماذا نقول لأبينا؟ قال بعضهم: إنّه كان يخاف عليه من الذئب، فنقول: إن الذئب أكله. فعمدوا إلى جدى فذبحوه على قميصه، وألصقوا بالدم شيئا من شعر الجدى، ورجعوا إلى أبيهم.

[ذكر رجوع إخوة يوسف إلى يعقوب]

قال: ولمّا قربوا من عريش يعقوب أخذوا فى البكاء والعويل، فرأتهم ابنة يعقوب، فنزلت إلى أبيها باكية، وقالت: رأيت إخوتى متفرّقين يبكون، وروبيل يقول: «يا يوسف يا يوسف» . فصاح يعقوب، وخرّ على وجهه؛ فدخلوا عليه وقالوا: يا أبانا، جلت المصيبة وعظمت الرزيّة إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ

قال الله تعالى:

وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ

وأخذ يعقوب القميص. ونظر إليه فلم ير فيه أثر خدش فقال: يا بنىّ، ما للذئب وأكل أولاد الأنبياء؟ وأخذ يبكى؛ ثم قال: اخرجوا فى طلب هذا الذئب، وإلّا دعوت عليكم فتهلكوا. فخرجوا فأخذوا ذئبا عظيما وجعلوا يضربونه ويجرّونه، حتى جاءوا به إلى أبيهم، فقال: كيف عرفتموه؟

قالوا: لأنه ذئب كبير، وكان يتعرّض لنا فى غنمنا.

[ذكر كلام الذئب بين يدى يعقوب]

فقال يعقوب: سبحان من لو شاء لأنطقك بحجّتك. فنطق الذئب وقال:

لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، يا نبىّ الله، إنى ذئب غريب، فقدت ولدا لى فجئت فى طلبه حتى بلغت بلدك، فأخذنى هؤلاء وضربونى وكذبوا علىّ؛ والذى أنطقنى ما أكلت ولدك، وكيف يأكل الذئب أولاد الأنبياء؟ فأطلقه يعقوب.