كأبى تمّام ومسلم ابن الوليد والبحترىّ وابن الرومىّ والمتنبىّ، للطف مأخذهم، ودوران الصناعة فى كلامهم، ودقّة توليد المعانى فى أشعارهم، وقرب أسلوبهم من أسلوب الخطابة والكتابة.
وكذلك النظر فى رسائل المتقدّمتين دون حفظها
لما فى النظر فيها من تنقيح القريحة، وإرشاد الخاطر، وتسهيل الطرق، والنسج على منوال المجيد، والاقتداء بطريقة المحسن، واستدراك ما فات «١» القاصر، والاحتراز مما أظهره النقد، وردّ ما بهرجه السبك؛ فأمّا النهى عن حفظ ذلك فلئلا يتّكل الخاطر على ما فى حاصله، ويستند الفكر إلى ما فى مودعه، ويكتفى بما ليس له، ويتلبّس بما لم يعط «كلابس ثوبى زور» ؛ وأمّا من قصد المحاضرة بذلك دون الإنشاء فالأحسن به حفظ ذلك وأمثاله.
وكذلك النّظر فى كتب الأمثال الواردة عن العرب نظما ونثرا
كأمثال الميدانىّ والمفضّل بن سلمة الضبىّ وحمزة الأصبهانىّ وغيرهم، وأمثال المحدثين الواردة فى أشعارهم، كأبى العتاهية وأبى تمّام والمتنبىّ، وأمثال المولّدين؛ وقد أوردنا من ذلك فى باب الأمثال جملا.
وكذلك النّظر فى الأحكام السّلطانيّة،
فإنه قد يأمر بأمر فيعرف منها كيف يخلص قلمه على حكم الشريعة المطهّرة من تولية القضاء والحسبة وغير ذلك؛ وقد قدّمنا فى هذا الكتاب من ذلك طرفا جيّدا. قال: فهذه أمور كليّة لا بدّ للمترشّح لهذه الصناعة من التصدّى للاطلاع عليها، والإكباب على مطالعتها، والاستكثار منها