قال: ويقوّى الامام يده ويشدّ أزره، ويكفّ العمال وغيرهم عن معارضته ومزاحمته، ويأمرهم جميعا بطاعته، ولا يرخص لأحد منهم فى الامتناع عليه اذا دعاه، والخروج عن أحكامه إن أمره أو نهاه، فيما يتصل بالانقياد للحكم.
ويتوقّى أن يقال فى مجلسه: هذا حكم الله، وهذا حكم الديوان؛ فإن هذا من قائله إشراك بالله؛ إذ لا حكم إلا لله. قال الله عز وجل: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ.
وقال تعالى: أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ
. وقال تعالى: وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً
. وقال: لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ.
قال: وإن سمع بذلك واليه فأقرّه عليه كان مثله؛ قال الله عز وجل: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ
. فاذا كان هذا فى العقود معهم فكيف بإقرارهم والاستحسان لهم.
[ذكر الألفاظ التى تنعقد بها ولاية القضاء، والشروط]
قال الماوردىّ: وولاية القضاء تنعقد بما تنعقد به الولايات: من انعقادها مع الحضور باللفظ مشافهة، ومع الغيبة بمراسلة أو مكاتبة. لكن لا بدّ مع المكاتبة أن يقترن بها من شواهد الحال ما يدلّ عليها عند المولّى وأهل عمله.
والألفاظ التى تنعقد بها الولاية ضربان: صريح وكناية.
فالصريح أربعة ألفاظ وهى: قد وليّتك، وقلّدتك، واستخلفتك، واستنبتك.
فاذا أتى المولىّ بأحد هذه الألفاظ انعقدت الولاية بالقضاء وغيره من الولايات، ولا يحتاج مع هذا الصريح إلى قرينة أخرى، إلا أن يكون تأكيدا لا شرطا.